والحمد لله رب العالمين, وبعد
إخوتي الأفاضل, أطفالنا الأعزاء
و بعد,
أقدم لكم مجموعة حلقات من القصص
وأتمنى من الله أن تعجبكمالحلقة الأولىمكتشف الكنزكان هناك رجل زعمت العلماء أنه اجتاز ببعض المفاوز (المفاوز جمع مفازة و هي الصحراء التي لاماء فيها), فظهر له آثار كنز. فجعل يحفر و يطلب فوجد نقوداً ذهبية و نقوداً فضية, فقال في نفسة ن أنا أخذت في نقل هذا المال فسوف أنشغل بنقله وحفظه. ولكن سأستأجر أقواماً يحملونه إلى منزلي وأكون أنا آخرهم ولا يكون بقي ورائي شيء يشغل فكري بنقله وأعطيهم أجرةً يسيرة.
ثم جاء بالحمالين فجعل يحمِل كل واحد منهم ما يطيق فينطلق به إلى منزله. حتى إذا لم يبق شي من الكنز انطلق خلفهم إلى منزله فلم يجد شيئاً من المال لا كثيراً ولا قليلاً. وإذا كل واحد من الحمالين قد فاز بما حمله لنفسه ولم يكن للرجل من ذلك إلا العناء و التعب لأنه لم يفكر في آخر أمرة.
الحلقة الثانيةالجوز الصحيح و الصحيفة الصفراءلدينا في هذة الحلقة مثلان مرتبطان ببعضهما, فالأول يحكي قصة الرجل الذي قُدم له جوز صحيح لم ينتفع به إلا أن يكسره و يستخرج مافيه.
وهذا المثل مرتبط مباشرةً بمثل الرجل الذي طلب علم فصيح من كلام الناس, فأتي صديقاً له من العلماء له علم في الفصاحة, فأعلمه أنه يريد علم فصيح. فرسم له صديقة في صحيفةٍ صفراء فصيح الكلام وتصاريفه ووجوهه. فانصرف بها إلى منزله فأخذ يحفظها بدون أن يعلم معانيها أو يعلم تأويل مافيها. ثم جلس ذات يوم في محفل من أهل العلم والأدب فأخذ في محاورتهم, فأخطأ في بعض الكلمات والجمل, فقال له الجماعة: إنك قد أخطأت, ولم تقل الصواب. فقال: كيف أخطئ وقد قرأت الصحيفة من أولها إلى آخرها وحفظتها عن ظهر غيب ! فسخط عليه القوم وعلموا أنه لم يحسن استعمالها.
الحلقة الثالثةالرجل الصابر على اللصكان هناك رجل نائم في منزله بعد يوم شاق, فلما انتصف الليل إذا بسارق قد دخل إلى منزله يريد سرقته, فعلم به وقال: والله لأسكتن عنه ولا أضايقة حتى يجمع مايريد, فإذا هم بالهروب قمت بالإمساك به والتنغيص عليه. فجلس في مرقده يغالب النعاس والسارق يجمع كل ما أمامه, حتى غلبه النعاس فنام وفر اللص. فلما استيقظ وجد اللص قد أخذ المتاع وفاز به. فأقبل على نفسه يلومها وعرف أنه لم ينتفع بعلمه باللص ولم يقم بما يجب.
الحلقة الرابعةالبصير والأعمىمثلنا اليوم يدل على أن الإنسان الذي يرتكب خطأً وهو يعرف أنه كذلك, يكون غير معذور إطلاقاً لما ارتكبه. كما لو أن رجلين أحدهما بصير والآخر أعمى. هذان الرجلان كانا يمشيان في الغابة فسقطا في حفرة. فلما استقرا في عقرها كانا بمنزلةٍ واحدة. غير أن البصير غير معذور أو أقل عذراً من الأعمى لما كانت له عينان يبصر بهما ولم تمنعاه من السقوط.
الحلقة الخامسةمثل المصدق المخدوعزعموا أن سارقاً كان على ظهر بيت رجل من الأغنياء وكان معه جماعة من أصحابه, فاستيقظ الرجل من صوتهم فأيقظ ارأته فأعلمها بذلك وقال لها: إن اللصوص على البيت, فأيقظيني بصوت يسمعه اللصوص وقولي: ألا تخبرني أيها الرجل عم أموالك هذة وكنوزك العظيمة من أين جمعتها. فإذا امتنعت عليك فألحي علي في السؤال واستحلفيني حتى أقول لك.
ففعلت المرأة ذلك وسألته كما أمرها. وأنصت اللصوص إلى سماع قولها. فقال الرجل: أيتها المرأة, قد ساقك الله إلى رزق واسع ومال كثير, فكلي واشربي ولا تسألي عن أمرٍ إن أخبرتك به لم آمن أن يسمعه أحد فيكون في ذلك ما أكره وتكرهين.
فقالت المرأة: أخبرني أيها الرجل, فلعمري مابقربنا أحدٌ يسمع كلامنا. فقال لها: فإني مخبرك أني لم أجمع هذة الأموال إلا من السرقة. قالت: وكيف كان ذلك. قال: كان لدي علمٌ في السرقة وكان الأمر علي يسيراً وأنا آمن من أن يتهمني أحد أو يشك في. كنت أذهب أنا وأصحابي في الليلة المقمرة, حتى إذا صرنا على ظهر منزل بعض الأغنياء, فإذا وصلت إلى النافذة, قفزت إلى المنزل وأنا أقول العبارة: "شولم شولم" سبع مرات.فلا يحس بوقوعي أحد ولا يبقى في المنزل شيء إلا أتاني قاصداً مطيعاً, فلا أدع شيئاً إلا أخذته. فأذهب إىل أصحابي فنمضي سالمين آمنين.
فلما سمع اللصوص ذلك قالوا: قد ظفرنا الليلة بما نريد من المال, ثم إنهم أطالوا المكث حتى ظنوا أن الرجل وزوجته قد هجعا, وكانت تلك الليلة مقمرة. فقام قائدهم إلى النافذة وقال: "شولم شولم" سبع مرات ثم دخل المنزل عن طريق النافذة, فوقع على أم رأسه منكساً فوثب عليه الرجل بعصاه وقال له: من أنت, قال: أنا المصدق المخدوع المغتر بما لا يمكن أن يكون. وهذة ثمرة رقيتك وعاقبة من يصدق كل مايسمع.
الحلقة السادسةمثل الصياد والصدفةكان هناك صياداً في الخليج, يصيد فيه السمك في زورقٍ فرأى ذات يوم في الماء صدفه تتلألأ حسناً وجمالا, فتوهمها جوهراً له قيمة. وكان قد ألقى شبكته في البحر فاشتملت على سمكةٍ كانت قوت يومه فخلاها وقذف بنفسه في الماء ليأخذ الصدفه. فلما أخرجها وجدها فارغة لاشيء فيها مما ظن. فندم على ترك ما في يده للطمع على مافاته. فلما كان في اليوم التالي, ذهب إلى مكانٍ آخر, فأصاب حوتاً صغيراً, ورأي صدفه أخرى, فلم يلتفت إليها وشاء ظنه بها فتركها. فوجدها صياداً آخر فخذها ووجد فيها درةً تساوي أموالاً كثيرة.
الحلقة السابعةمثل الرجل والخادمزعموا أن هناك رجلا تواطأ مع خادم في بيت أحد الأغنياء على أن يأتي البيت في كل ليلة يغيب أهله فيجمع له الخادم مما في البيت فيذهب به ويبيعه ويتشاطرا ثمنه.
في إحدى الليالي, غاب أهل البيت, فاتفقا على تنفيذ خطتهما مباشرةً. فأقبل الرجل حتى دخل البيت وأخذا في الجمع مما فيه. وبينما الخادم واللص منهمكان في الجمع, إذ قرع الباب. وكان للبيت باب آخر لم يكن يعلمه الرجل, وكان ذلك الباب عند جب الماء. فقال الخادم للرجل: بادر اخرج من الباب الذي عند جب الماء, وأشار له إلى موضعه. فانطلق الرجل إلى ذلك المكان فوجد الباب ولكن لم يجد جب الماء. فرجع إليه وقال له: أما الباب فقد وجدته, وأما الجب فلم أجده ! فقال له: أيها الأحمق, وماذا تريد بالجب ؟ أنا دللتك به لتعرف الباب, فإذا عرفته فاذهب عاجلاً. فقال: فلم ذكرت الجب وهو ليس هناك؟ فقال: ويحك, انج بنفسك ودع عنك الحمق والتردد. فقال له: كيف أمضي وقد خلطت علي بذكرك الجب وهو ليس هناك؟ فلم يزل على مثل هذا الحال حتى دخل رب البيت فأمسكه بثيابه وأوجعه ضرباً ورفعه إلى السلطان.